من أنا؟
- Almas Al Aneed
- قبل 6 أيام
- 2 دقائق قراءة
أنا تعاقب الفصول، واختلاف الليل والنهار
أنا الذي انطوى بي العالم الأكبر.
البعض يضخم الأنا، وآخر يطلب من صديقه أن يمدح له أناه فهو خائفٌ أن يقول "أنا" يعتقد أنه بذلك يتواضع ولا يدري أنه ومن يضخم أناه سواء.
والبعض يدرج على لسانه " أعوذ بالله من كلمة أنا" وكأن أنا شيطان يستعاذ منه، الرسول صلى الله عليه وسلم لم يتعوذ من النفس بل قال: { أعوذ بك من شر نفسي}
فأنا مجبولة على الخير والشر والخيار متروك لأنا بتحديد المسار وبدء الإبحار، هكذا هي أنا كنزٌ هائلٌ في سراديبها، والغوص يعلمك أن الماء في الأعماق أحلى.
أنا خلقها الله سبحانه بيديه، وكرمها على العالمين، خلقها في أحسن تقويم، وكرمها بالقدرة على الاختيار والتمييز، وكرمها بأعظم شهادة على الإطلاق مفتاح الجنة فهل عرفتها؟
أنا الخليفة التي جعلها الله في أرضه لإقامة العدل ووقف الظلم وسفك الدماء فمن الأنا من اهتدى ومنهم من مشى بطريق الظلم هو الآخر.
من عرف نفسه استراح كما قال سفيان بن عيينة
ومن عرف نفسه عرف ربه كما قال يحيى بن معاذ الرازي.
أنا عندما تغوص في أعماقها وتخَبر المحاسن والمعايب، فتعمل على تنمية المحاسن حتى تربو، وتهذب المعايب، تصل بعدها للرشد.
أنا التي خبرت نفسها وخبرت الدنيا وتقلباتها ورشدت توقعاتها منها، لا بد وأن تنقشع الغشاوات عن عينيها فتنظر ببصيرتها حقيقة الأشياء دون زيف.
جبلت أنا على السعي وراء الأبدية والملكية، فتراها تحب من يدندن بتمجيدها، وتحب أن ترى آثار ناتج أعمالها لتزيد في العطاء، ذاك حفزٌ خارجي، لكن لو تعلقت أنا بذاك لسكنت في مكانها، فهي علّقت تقدمها على التمجيد فأصبح بينهما زيادة طردية.
توقفي يا أنا وتحرري من الآخر، وإن أنجزت لا تقفي متأملة أو منتظرة كثيراً، بل انتقلي لبناء جديد، روحك ستمد ذاك البناء بطاقة خلاقة منبعها أنا وليس الآخر.
الليل يسأل من أنا؟
والريح تسأل من أنا؟
والدهر يسأل من أنا؟
والذات تسأل من أنا
أهم ما يكون أن ترى أنا اسمها جملةً كاملةً لا تحتاج إلى إكمال.
Comments