الطبيعة والأطفال حين يكون اللعب بوابة للنمو المتكامل.
- Almas Al Aneed

- 28 يونيو
- 4 دقيقة قراءة
هل لاحظت يوما لمعان وجه طفلك حين يركض بين الأشجار أو يلعب بالتراب؟
هل جربت أن تراقبه وهو يتفاعل مع الطبيعة بعينين مندهشتين وابتسامة نقية؟
في مقال اليوم سأشركك نظرة تربوية نفسية لأثر الطبيعة على جوانب النمو الجسدية والعقلية والنفسية من خلال أمثلة عملية وتجارب واقعية سهلة التطبيق.
الطبيعة والنمو الحركي الجسدي للطفل:
اللعب والحركة والنشاط من أسس النمو السليم للطفل، والخروج للطبيعة واللعب فيها يدعم النمو الحركي الجسدي ويعين الطفل على تعلم المهارات الحركية الدقيقة، خصوصا الأطفال تحت سن الست سنوات الذين يبنون هذه المهارات. فقد ترى الطفل في الطبيعة يمسك بغصن شجرة صغير يرسم على التراب أشكالا مختلفة فهذا الفعل يقوي عضلات يديه ويطور التآزر البصري الحركي.
كما أن لعب الأطفال في الطبيعة منفذ طبيعي لطاقتهم الحركية الكبيرة التي تبلغ ذروتها ما بين سن الثالثة والثانية عشر.
فاللعب باليدين يقوي تلك العضلات الطفل مما يساعده لاحقا على مسك القلم وتحريكه بحركات منتظمة لتعلم الكتابة.
وكذلك يقوي عضلات الرجلين مما يساعد في ترفع كفاءة الاستجابة الجسدية للمواقف التي تتطلب استجابة سريعة، لأن المنعكسات العصبية الحركية تكون أكثر كفاءة عندما تكون العضلات نشطة ومُدرّبة، فكثيرا ما نرى طفلا يرى شيئا خطرا مقتربا نحوه ولكن نتيجة ضعف عضلاته يصعب عليه الابتعاد بسرعة.
كما أن ملء وقت فراغ الطفل بالحركة الحرة في الطبيعة يخفف من السلوكيات التخريبية التي قد يسلكها الطفل سواء في البيت أو المدرسة. فالطفولة بطبيعتها مرحلة حركة ونشاط دائمين، والمربي الواعي هو الذي يقوم بتحويل هذا السلوك لشكل بنائي يكسب الطفل من خلاله مهارات، فلا يتركه ليخرج بشكل سلبي كأعمال تخريبية، ولا يكبته.
الطبيعة والنمو العقلي للطفل:
الحواس الخمس تمثل بوابات العقل، والطفل في أول اثني عشر عاما من عمره حسي لا تجريدي، ما يعني أن تعريضه لبيئة غنية بالتحفيز الحسي يساعده على تطوير مهارته العقلية والمعرفية، وليس أفضل من الطبيعة مكانا لإطلاق العنان للحواس فتعمل بها. فعالم الطبيعة يضم عوالم متداخلة: عالم الحشرات، عالم الأزهار، عالم الحيوانات …. إلخ
كما أنه يرى السماء بعلوها واتساعها، ويتحسس حرارة الشمس، ويلحظ أثر تعاقب الفصول على الأشجار
كل ذلك يدعوه للتفكر وإعمال العقل فترى الطفل يتساءل عن هذا وذاك محاولا إدراك العالم من حوله.
وبالعودة لمثال الرسم بغصن الشجرة على الأرض فهذا مثالا حيا على تحفيز الإبداع وإثراء الخيال عند الطفل، فالطبيعة تفتح أما الطفل أفقا لا نهائيا من الأفكار الإبداعية.
كما أن الطبيعة تعزز البناء العقدي والإيماني للطفل، ففي السنوات الأولى يعتقد الأطفال أن الجبال والبحار والغيوم وغيرها من صنع الإنسان،
والأمر يختلف إذا كانت الأسرة على وعي بذلك ويدأ بالتأسيس الإيماني مبكرا - فباصطحابك إياه للطبيعة فرصة لتعريفه أن الله سبحانه وتعالى خالق كل شيء.
الطبيعة والنمو النفسي للطفل:
الجانب النفسي واحدا من أهم الجوانب التربوية وهو أكثر ما يهمل عادة،
وكم من طفل لديه من المهارات العقلية الكثير، لكنه ولضعف الدعم أو البيئة الضاغطة ينعكس الأثر على الطفل ومن حوله.
كما انتشر في الآونة الأخيرة اضطراب أطلق عليه اضطراب ضعف التواصل مع الطبيعة. مرده الأساس لقضاء أوقات طويلة بين الجدران الإسمنتيّة.
اللعب في الطبيعة يحرر الطفل من الضغوط النفسية، خصوصا لو كان جماعيا فهو بذلك سيتعلم أيضا التوجيه والانضباط الذاتيين.
كما أن الطبيعة تساعد الطفل على التعبير عن ذاته والتنفيس عن توتراته التي قد تتراكم بسب ضغوط الأقران، أو الانضباط في المدرسة،
فالطبيعة تساعد الطفل على التحرر من أعراض التوتر التي نراها في :
نوبات الغضب
قضم الأظافر
التبول اللاإرادي النفسي المنشأ،
الحبسة الكلامية الناتجة عن العزلة أو بسبب قضاء ساعات طويلة على الأجهزة الإلكترونية.
العدوانية وإيذاء الآخرين
الطبيعة ترفع الذوق الجمالي لدى الطفل ويعرف كيف يتعامل معها ويتعلم منها. وهناك اضطراب حديث بدأ يظهر مؤخرا أطلق عليه اضطراب ضعف التواصل مع الطبيعة. مرده الأساس لقضاء أوقات طويلة بين الجدران الإسمنتيّة.
الطبيعة تعلم الطفل الرأفة والرحمة خاصة عندما يتعامل مع الحيوانات، كما أنه يكسر حاجز الخوف من الحيوانات الصغيرة التي يخشاها الكبار جراء غياب مثل هذه التجارب عن طفولتهم.
الطبيعة تحضن الطفل كما هو وتمنحه فسحة للنمو النفسي السوي.
كيف نهيّئ أنفسنا وأطفالنا ليوم في أحضان الطبيعة؟
حتى يصبح يوم الطبيعة تجربة آمنة ممتعة تعليمية إليك بعض الاستعدادات التي تسهل عليك قضاء يوم تسطر فيه مع طفلك ذكريات لا تنسى:
تحضير أدوات اللعب المناسبة:
• شبكة صغيرة لصيد الفراشات أو مراقبتها.
• أدوات لعب بالرمل والطين (جرافة، دلو، قوالب تشكيل…).
• كرة أو طائرة ورقية حسب طبيعة المكان.
تجهيز حقيبة صغيرة للرحلات:
• ملابس إضافية في حال اتّسخت ملابس الطفل.
• مناشف صغيرة، مناديل مبلّلة، ومعقّم.
• مراهم أو بخاخ طارد للحشرات.
• مراهم ومطهّرات بسيطة للإسعافات الأولي
• أضف عليها بعض المأكولات والمشروبات المحضرة مسبقا والتي يسهل تناولها.
تنظيم الوقت:
ليكن يوم النزهة في عطلة نهاية الأسبوع فيصبح موعدًا أسبوعيًا عائليًا ينتظره الطفل.
ليس ضروريًا الذهاب لمكان بعيد، أحيانًا حديقة غناء خضراء قريبة من البيت تفي بالغرض.
كما لاحظنا الطبيعة مكان رحب يحتضن الطفل ويعلمه الكثير من المهارات التي تستمر معه لما بعد الطفولة.
الطبيعة تفتح ذراعيها لكم فاخرجوا لها مع أطفالكم ولا تدعوهم حبيسي الجدران الإسمنتيّة.
المراجع العلمية:
دراسات في Porto Biomedical Journal تبرز أن اللعب في الهواء الطلق يعزز البعد الجسدي، الاجتماعي، والعاطفي للأطفال الصغار (15–36 شهرًا)




تعليقات