اللصوص من حولنا
- Almas Al Aneed

- 19 يونيو
- 3 دقيقة قراءة
-لا يوجد أحد في البيت
-هيا بسرعة إذن قبل أن يعودوا
-أنا أبذل قصارى جهدي، لكن القفل لا ينفتح!
-دعني أجرب بدلا عنك.
-فعلتها!
-هيا بسرعة ضعهم في الحقيبة ولنتجه للخارج، اااه وأخيرا خرجنا.
ذاك مشهد صغير يتبادر لذهنك عندما تسمع كلمة لص، لكن هل سرقة المال هي السرقة الوحيدة؟
في الواقع، كثيرون هم اللصوص الذين لا يحملون أدوات سرقة، بل يسرقونك بطرق أخرى خفية وأكثر إيلامًا، فيسرقون سكينة روحك، سلامك النفسي، ابتسامتك التي كانت تزين محياك، بساطتك، لطفك، عطاءك، وعفويتك، ليشوهوا أجمل ما فيك.
بعض اللصوص يسرقونك خفية، والبعض في وضح النهار.
تراهم أثرياء بالذكاء لكنهم فقراء بالقيم،
والذكاء بلا قيم كالمال بيد البخيل؛ فهو لا ينفقه ليتنعم به ولا ينفع فيه غيره، ويحاسب عليه يوم القيامة
تراهم يتخفون لعلمهم أن عملهم مشين، وقد يهددوك ويبتزوك ويزيدوا من تشويه صورتك إن كشفت أقنعتهم وأكاذيبهم وألاعيبهم.
يمكننا تصنيف هؤلاء اللصوص إلى أنواع تختلف بأدواتها وتتشابه بأثرها علينا،
لصوص المال:
الذين نعرفهم جميعا مع اختلاف مستوياتهم ومدى احترافيتهم في سرقة المال وهذا النوع هو أبسط نوع، ويكفيك فيه إيداع الأموال في المصارف، ووضع نظام حماية للبيت وما إلى ذلك من سبل الوقاية.
كم مرة قام أحدهم بسرقة تعبك وجهدك ونسبه لنفسه؟
هؤلاء هم لصوص الجهد:
الذين يقضون أوقاتهم كما يحلو لهم، بشؤونهم الخاصة يتميزون بالكسل ولكن ليس الكسل المتعارف عليه في المدراس، بل قد يكونوا متفوقين في دراستهم الأكاديمية، إنما كسل من نوع آخر، فقد تمددوا عرضا في تلبية الترويح ومعظم ما في حياتهم مبني على تلبية هذه الحاجة، أوقاتهم مصروفة في نزهات، تجمعات، رحلات، وعند الظهور يجدون أنفسهم بلا شيء يتحدثون عنه، فيسرقون جهد غيرهم ليظهروا به أمام الآخرين.
لصوص الوقت:
الذين يأخذون وقتك، حياتك، وهؤلاء قد يكونوا مصنعي ومنتجي الملهيات بدءًا من الألعاب الإلكترونية إلى وسائل التواصل وغيرها، أو قد يكون شخصا ما حولك يسرق وقتك ويضيعه بلا طائل.
لصوص الأفكار:
يسرقون أفكارك ويقلدونك بكل ما تفعله، فيقومون بنسخ ما تقوم به لعلهم ينالهم من نجاحك نصيبا؛ والأسوء أنهم يتهمونك بأنك أنتم من سرقت أفكارهم!
أضف عليها لصوص المشاعر:
وهؤلاء من أسوء أنواع اللصوص، يأخذون حبك ويمنحوك الخذلان، يأخذون وفاءك ويتركوك تغرق بالخيبة،
يأخذون منك الإخلاص ويعطونك طعنة بظهرك، ويستمرون بذلك حتى تصل لدرجة تتأذى بصمت.
تتأذى حتى تتخدر مشاعرك، وتموت خلايا الإحساس فيك، فلا تشعر بأذى وألم كما كنت، لكنك لم تتعافى؛
فتغرق نفسك بالعمل، أو تصبح شخصا استرضائيا ينسى نفسه ويذوب في الآخر، أو وهذا ما أرجوه لك تتمرد عليهم وتطردهم خارج حياتك وتتحمل الألم لبعض الوقت فألم ساعة أرحم من ألم كل ساعة.
أما لصوص الطاقة:
يغرقونك بمشاعرهم السلبية ونظرتهم السوداوية للحياة، ما يجعلك تكره حياتك وحياتهم أيضا.
تغادر لقائهم وقد أظلم النور في عينيك.
انطفأ فيك الشغف: للحياة والعمل والإنتاج والحب والعطاء،
ثم يفاجئك جسدك بمغص في القولون ، وشعور طاغٍ بالقرف، مع رشة من بهار الغثيان.
هل فكرت يوما أن من يسرق أمانك بابتسامته المسمومة هو لص حقيقي؟
إنهم لصوص الأمان:
أناس تقنعوا بقناع الحب ليسرقوا منك قلبك وحياتك وفكرك وجهدك، ثم مالبثوا أن غدروا وأساؤوا لك في حضورك وغيابك،
لصوص محترفون:
ينتقدونك بحق وبغيره،
يجيشون الآخرين ضدك.
ينتقصون من قيمتك ويحطون من قدرك
ينكرون ما قدمته لهم ويقللون أثره.
يلومونك على أخطائهم وتقصيرهم.
يسخرون منك.
يشككونك بنفسك.
يغتاظون من نجاحاتك.
يسيؤون إليك… ثم يتهمونك بأنك أنت المسيء.
يحاربونك بأسوا أشكال الاعتداء العاطفي: الصمت العقابي، ليضغطوا عليك فتذعن لهم.
يشيعون حولك الشائعات، لتدور بحلقة مفرغة،
تفقد فيها الأمان شيئا فشيئا؛
الأمان الذي يشكل أولى حاجاتك الإنسانية.
فتبدأ نوبات الغضب تلاحقك، تتوتر لأقل الأسباب، تفقد ثقتك بنفسك، وتحقر ذاتك
ينقلب ليلك نهار ونهارك ليل،
تأكل ولا تشبع أو تشبع دون أن تأكل!
يلفك القلق ويختنق فيك الشعور وتذبل روحك.
آآآه، أزعم أن هؤلاء هم أسوأ أنواع اللصوص،
لصوص لا يسرقون منك شيئا.. بل يسرقونك أنت: بروحك وقلبك وفكرك وعافيتك.
تتطابق سماتهم مع ما يعرف بالثالوث المظلم السيكوباتية، والنرجسية والماكيافلية.
قد تسألني ما الحل؟
الحل في كلمة قليلة الحروف كبيرة المعنى،
"لا" قل "لا" لمن يؤذيك، قل "لا" لمن يطفئك،
اصغ لنداء جسدك، قلقلك، خفقان قلبك، تعرق يديك، ارتعاش جسدك، كلها نداءات تقول لك قل "لا"
افضح الظلم ولا تبرر له، ولا تلم نفسك على ظلمه لك، بل ربت على قلبك وقل للظالم كفى وقل لنفسك "لنعش بسلام"
ليس كل من مثّل الود وارتدى قناع الحب وردد
" أحبك" أهلا للبقاء.
لا تسلم مفاتيح قلبك إلا لمن أثبت أنه أمين عليه.
واطلب الدعم من شخصٍ رشيد أو كتابٍ صديق
وتذكر أن تحمي عقلك، مشاعرك، أفكارك، جهدك، وقتك وأمانك من لصوص الخفاء،
لا تسمح لأحد أن يسرق سلامك باسم الحب أو الصحبة أو العمل،
بتنا في زمن تحتاج فيه أن تحمي قلبك أكثر مما تحمي مالك.




تعليقات